نصوص… سوزان علي

مقتبس

أعمل في دار لرعاية المسنين منذ خمسة أشهر، أقضي الليل في البهو المقتول، نظراتي حادة صوب أجراس الغرف، أصابعي مغمضة، والبياض يؤنسني، وعندما يتحرك الهواء في الشارع فوق أوراق الشجر المتساقطة، أتذكر قبر أمي، وثوبها الكحلي وهي تطبخ لنا وتغني.
…..
أنا كاملة أحمد، من قرية سيران في ريف اللاذقية، لدي خمسة أولاد، متزوجة منذ عشرين سنة، زوجي عاطل عن العمل بعد أن فقد ساقيه في الحرب، أحب البحر بعيدا عن مهنتي في صيد السمك، وأحلم أن أملك قاربا في المستقبل، ليس من اجل الصيد أو العمل، أريد لزوجي أن يرى الموج من جديد، إنه لا يحب الشاطئ، أريده أن يعود سمكة ولو للحظات.
…..
مع أنني خريجة إعلام، وتابعت عملي الصحفي في إحدى الصحف المحلية، والتقيت الكثير من الرؤوس الكبيرة، إلا أنهم وضعوني في مستودع للكتب الجامعية، بعد أن قصفت مدينتي وهاجرنا إلى العاصمة، أخبروني أنه هناك فائض في الإعلاميين، ولا حاجة لخبرتي هنا، أغلي قهوتي كل صباح بين آلاف الكتب التي لا أحبها، وأصغي إلى الطلاب المجتمعين كسرب نحل حول كوة المستودع منذ الصباح الباكر، أصغي إلى أحاديثهم قبل فتح الكوة، أحدهم قال مرة لصديقه:
أكره الدلافين لأنها تحب البشر.